رئيس الجمهورية يفتتح جناح موريتانيا بمعرض ميلانو
يطيب لي ان أتوجه بخالص الشكر الى الحكومة الإيطالية ومن خلالها الى الشعب الايطالي الصديق على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظيت بهما والوفد المرافق لي منذ وصولنا مدينة ميلانو العريقة وأرحب بكم جميعا في هذا الحفل الرسمي المخلد لليوم الوطني لموريتانيا في معرض ميلانو العالمي 2015.
ويمثل هذا المعرض العالمي حدثا هاما من خلال الموضوع الذي يعالجه: (تغذية الكوكب طاقة للحياة) وهو موضوع مصيري بالنسبة للإنسانية جمعاء وتتجلى أهمية هذا المعرض في انعقاده في ظرف تاريخي يعاني فيه مئات الملايين سوء التغذية ويقضي الجوع على أعداد كبيرة من البشر.
في هذا السياق يعبر جناح موريتانيا في معرض ميلانو العالمي 2015عن قدرة الموريتانيين على قهر الصحراء وعلى الحصول منها على سبل العيش الضرورية لتنمية متكاملة تحترم البيئة وتقتصد في استغلال الموارد الشحيحة خاصة المياه.
لقد انتهجت بلادنا سياسة زراعية استباقية واستثمرنا إمكانات مالية معتبرة حققت نتائج ملموسة في زيادة المحاصيل والتوسع في استصلاح الاراضي وتقديم العون المباشر للمزارعين ودمج الشباب في هذا القطاع الحيوي، ولذلك نسير انسجاما مع موضوع هذا المعرض العالمي (تغذية الكوكب طاقة للحياة) بخطى ثابتة على طريق تأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء لمواطنينا وخاصة من السلع الغذائية الرئيسة مثل الأرز الذي بلغت نسبة تغطية الاحتياجات الوطنية 85% والقمح الذي أدخلناه منذ سنوات قليلة في الزراعة المروية وأعطى نتائج مشجعة.
أيها السادة والسيدات
تشتهر بلادنا بثروتها السمكية الهائلة وبجمال شواطئها الزاخرة بالتنوع البيولوجي وهو ما شجعنا على انتهاج سياسة وطنية رشيدة لقطاع الصيد، تهدف الى الاستغلال الأمثل للموارد وتسهم في جهودنا لتحقيق الأمن الغذائي لمواطنينا وتوظف إيرادات التصدير بشكل شفاف في خططنا التنموية، وفي هذا الإطار أطلقنا مبادرة للشفافية في مجال الصيد خلال مؤتمر رفيع المستوى مؤخرا في نواكشوط.
وقد أثمرت هذه السياسة توقيع اتفاق جديد للصيد مع الاتحاد الاوروبي يستفيد منه الطرفان ويعزز التبادل التجاري بين بلدنا وبلدان الاتحاد الاوروبي بما فيها إيطاليا.
وفي مجال التنوع البيولوجي تبذل بلادنا جهودا كبيرة لحماية الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض من خلال محمية طبيعية في حوض آركين الزاخرة بأشكال الحياة البحرية المتنوعة، وتهاجر اليها الطيور من جميع أنحاء العالم ويؤمها الباحثون والسياح بشكل متزايد.
أيها السادة والسيدات،
الى جانب الثروة السمكية تنهض الثروة الحيوانية بدور رئيسي في الاقتصاد الوطني وقد اشتغل الموريتانيون منذ العصور الغابرة في تربية المواشي فكانت نشاطهم الاقتصادي الرئيس عبر تصدير المواشي خاصة الأغنام والأبقار الى جيراننا في غرب افريقيا، لكن هذا القطاع الحيوي ظل يدار بالطرق التقليدية التي لم تعد صالحة لتثمين عائداته وزيادة القيمة المضاعفة لمنتجاته، ولتجاوز هذه الوضعية تم ادخال الأساليب الحديثة الى قطاع الثروة الحيوانية مثل تحسين السلالات والعمل جار على دمج منتجات القطاع خلال السنوات القليلة القادمة والصناعات الغذائية عبر انشاء مصانع للألبان ومسالخ صناعية بمقاييس دولية لتموين السوق المحلية في مرحلة أولى والتصدير الى الاسواق الخارجية في مرحلة لاحقة.
أيها السادة والسيدات،
لقد أنشأنا منطقة حرة في نواذيبو تقدم امتيازات كبيرة للمستثمرين، وتهدف الى تكوين قطب تنموي شامل، وقد حرصت بلادنا على تأمين وسائل لنجاح هذا المنطقة من خلال انتهاج سياسة في مجال الطاقة تعتمد على تنويع مصادر إنتاجها وتوفر للمستثمرين الطاقة بأسعار تنافسية كما تعززت كل هذه الحوافز بمدونة استثمار جديدة تسهل وتبسط الإجراءات وتقدم الضمانات القانونية والقضائية ضمن مناخ استثماري شفاف في بلد مضياف ينعم بالأمن والاستقرار.
أيها السادة والسيدات،
يحظى القطاع الثقافي في موريتانيا بمكانة رفيعة وللدلالة على تعلقنا العميق بهذا الإرث الحضاري فان مدننا القديمة شنقيط ووادان وتبشيت وولاته المسجلة من قبل اليونسكو ضمن تراث الانسانية، تحظى بعناية خاصة في سياستنا التنموية، وهكذا فإننا ننظم كل سنة مهرجانا ثقافيا يتنقل بين هذه المدن القديمة ليعيد لها اشعاعها الثقافي ونشاطها الاقتصادي، كي لا تمح الرمال والنسيان والمدنية الحديثة هذا التراث العظيم من ذاكرتنا الجمعية.
وتمثل هذه المدن الوجهة المفضلة لدى السياح بهدوئها وصفائها وما تحمله من عبق التاريخ وما يجدونه فيها من كرم ضيافة اشتهر به الموريتانيون على مر العصور، وما تؤمنه لهم من وسائل الراحة والشعور بالأمن والاطمئنان.
أيها السادة والسيدات،
في الختام أتوجه إليكم أيها السادة والسيدات منظمو معرض ميلانو 2015، والى منظمة الامم المتحدة وكافة وكالاتها المتخصصة التي حرصت على الحضور القوي لهذه التظاهرة وأحر التهاني على التنظيم المحكم لهذا المعرض العالمي الرائع الذي يعالج موضوعه اشكالية مركزية على سلم اهتمامات جميع الدول، وخاصة بلدنا موريتانيا.
وأتمنى لمعرض ميلانو 2015 كامل النجاح والتوفيق، وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.