خطاب رئيس الجمهورية في جلسة افتتاح القمة العربية
ألقى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز كلمة موريتانيا في الجلسة الافتتاحية لأعمال مجلس الجامعة العربية على مستوى القادة في دورته العادية الـ27 التي استضافتها بلادنا لأول مرة، حيث تسلم سيادته رئاسة المجلس من جمهورية مصر العربية رئيسة الدورة المنصرمة.
وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
أصحاب الفخامة والسمو
أصحاب المعالي رؤساء الوزراء
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية
معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي
أصحاب المعالي والسعادة
ضيوفنا الكرام
أيها السادة والسيدات
يسعدني بداية أن أرحب بكم ترحيبا حارا في مدينة نواكشوط وأن أعبر لكم عن اعتزاز الجمهورية الإسلامية الموريتانية شعبا وحكومة باستقبالكم في بلدكم الثاني في هذه المناسبة السعيدة، مناسبة انعقاد الدورة العادية الـ27 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.
إنه لحدث هام طالما انتظره الشعب الموريتاني بجميع فئاته، فلأول مرة تتشرف بلادنا باستضافة قمة لجامعة الدول العربية.
إننا نثمن عاليا حضوركم أصحاب الفخامة والسمو على أرض المنارة والرباط ونشكر لكم تجشمكم عناء السفر رغم مشاغلكم القيادية الجمة.
ولا يسعني هنا إلا أن أوجه باسمنا جميعا الشكر والتقدير لأخي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية للجهود الطيبة التي بذلها طيلة الرئاسة المصرية للدورة السابقة لهذه القمة التي كان لها الأثر الكبير في الدفع قدما بالعمل العربي المشترك.
كما أحيي بحرارة أخي صاحب الفخامة السيد إدريس ديبي أتنو رئيس جمهورية اتشاد الشقيقة، الرئيس الدوري للاتحاد الافريقي على حضوره معنا اليوم، وهو ما يعبر عن عمق العلاقات التي تربط وطننا العربي بالقارة الافريقية وحرصنا جميعا على تعزيزها وتطويرها.
ولا يفوتني إلا أن أشكر معالي الدكتور نبيل العربي على العمل الجبار الذي تم إنجازه خلال توليه لمنصب الأمين العام لجامعتنا وأرحب بمعالي الدكتور أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة متمنيا له التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة.
أصحاب الفخامة والسمو
أيها السادة والسيدات
قبل سبعين سنة تأسست جامعة الدول العربية، منظمة إقليمية تعنى بالمصالح الحيوية للأمة العربية وتنسيق العمل العربي المشترك والنهوض بدور إيجابي على الساحة الدولية خدمة للسلم والأمن الدوليين وحقق العرب نجاحات معتبرة في مجالات عدة من بينها العمل على تصفية الاستعمار في الوطن العربي وتشجيع التضامن والتعاون البيني وتوحيد مواقف الدول العربية حول القضايا الدولية، كل ذلك في ظروف غير مواتية في الغالب.
ويرجع الفضل في هذه الحصيلة الإيجابية إلى تفاني الزعماء العرب منذ تأسيس الجامعة إلى اليوم في خدمة المشروع المشترك وتشبثهم الدائم بروح الوفاق والاجماع خاصة حول قضايا الأمة المصيرية.
إننا نواجه اليوم تحديات كبيرة على رأسها إيجاد حل عادل ودائم لقضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية والتصدي لظاهرة الارهاب وإخماد بؤر التوتر والنزاعات التي تذكيها التدخلات الأجنبية في الدول العربية. كما يشكل تحقيق تنمية مستدامة ومندمجة على الصعيد العربي رهانا حقيقيا لتستعيد أمتنا المكانة الرائدة التي تبوأتها بين الأمم خلال الحقبة الذهبية من تاريخها.
أصحاب الفخامة والسمو
أيها السادة والسيدات
لقد أدت الأوضاع المضطربة التي تعيشها المنطقة العربية إلى اعتقاد البعض أن القضية الفلسطينية تراجعت في أولويات العرب بفعل الأزمات المتجددة وهو ما شجع الحكومة الاسرائيلية على الزهد في عملية السلام والتمادي في سياسة الاستيطان.
إن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى وكل أحرار العالم وستظل كذلك حتى يتم إيجاد حل عادل ودائم لها قائم على القرارت الدولية ذات الصلة وعلى مقترحات المبادرة العربية التي تمثل أساسا متينا للوصول إلى الحل المنشود لتنعم المنطقة أخيرا بالسلم والأمن والاستقرار.
في هذا الإطار فإن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بضمانات دولية ملزمة وآجال معلومة وتجميد الاستيطان وإيقاف مسلسل العنف ضد الفلسطينيين ورفع الحصار الاسرائيلي الظالم عنهم، وإعادة إعمار ما دمره العدوان، تشكل شروطا ضرورية للتوصل إلى حل نهائي للصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وستظل المنطقة مصدرا لعدم الاستقرار ما لم يتم إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتنسحب إسرائيل من مرتفعات الجولان السورية المحتلة ومن مزارع شبعا اللبنانية وتنعم جميع دول المنطقة بالعيش في أمن وسلام وتعاون.
أصحاب الفخامة والسمو
أيها السادة والسيدات
تمثل ظاهرة الإرهاب أحد أكبر التحديات التي تواجه الانسانية اليوم فالعنف الأعمى الذي يزهق أرواح الأبرياء ويمزق المجتمعات ويدمر البلدان خاصة في منطقتنا العربية يتطلب منا جميعا مواجهة المجموعات الإرهابية بقوة وحزم والتصدي لخطاب الكراهية والتطرف الذي يتستر بالاسلام ورغم ما حققته بلداننا منفردة من نجاحات في مواجهة الإرهاب أدت إلى تراجع كبير للظاهرة فإن استئصالها يتطلب وضع استراتيجية جماعية متعددة الأبعاد.
تقوم هذه الاستراتيجية على تحقيق تنمية مستدامة في وطننا العربي تستجيب لتطلعات جميع فئات شعوبنا وخاصة الأوساط الأكثر هشاشة والتنسيق بين حكوماتنا وأجهزتنا الأمنية لوضع خطط متكاملة للقضاء على الخطر الإرهابي وتعزيز دور المؤسسات الدينية لتحصين الشباب ضد دعاية التنظيمات المتطرفة وتقديم الصورة الصحيحة للإسلام في سماحته ووسطيته وإنسانية رسالته التي تدعو إلى الفضائل ومكارم الأخلاق.
لقد طبقنا في موريتانيا هذه المقاربة من خلال رفع كفاءة قواتنا المسلحة وقوات أمننا لتكون قادرة على نقل المعركة إلى أوكار الإرهابيين وفتحنا حوارا بين علمائنا الأجلاء والشباب الذين غرر بهم فتبنوا أفكارا متطرفة وأطلقنا مشاريع تنموية هامة لصالح الفئات الأكثر هشاشة.
لقد مكنتنا كل تلك الإجراءات من القضاء على الخطر الإرهابي داخل حدودنا وتجفيف منابعه وروافده.
أصحاب الفخامة والسمو
أيها السادة والسيدات
لقد آن للأزمات التي تعصف ببعض البلدان العربية أن تجد حلولا شاملة تحفظ لتلكم البلدان وحدتها الترابية وتعيد الانسجام والتناغم بين مكوناتها. ولا بديل في سوريا الشقيقة عن توافق سياسي بين جميع الفرقاء يقوم على الحفاظ على وحدة سوريا وإشراك الجميع في إعادة إعمارها وبناء مؤسساتها على قواعد يحددها الشعب السوري ونخبه السياسية الوطنية. فخمس سنوات من الصراع المسلح لم تجلب لسوريا سوى الدمار وللسوريين إلا القتل والتشريد في المنافي وتمزيق النسيج الاجتماعي الذي ظل متلاحما عبر التاريخ.
وفي اليمن الشقيق كاد النزاع بين الأشقاء أن يقوض وحدة المجتمع ويفكك كيان الدولة لولا الجهود الخيرة لمعالجة الأزمة، وهو ما شجع أطراف النزاع على الدخول في مفاوضات جادة نأمل أن تفضي إلى توافق سياسي يحافظ على الدولة اليمنية موحدة ويضع القواعد لمؤسسات منبثقة عن الشرعية القائمة.
في هذا السياق نثمن عاليا رعاية دولة الكويت الشقيقة وقيادتها الرشيدة لمفاوضات الأطراف اليمنية وحرص صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على الجمع بين الفرقاء اليمنيين والعمل على توصلهم إلى اتفاق شامل يوقف الحرب المدمرة ويبدأ عملية إعادة الأعمار، كما نحيي الجهود الكبيرة التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة من خلال المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن الرامية إلى تسهيل عملية التفاوض وإنجاحها.
لقد عانى الأشقاء في ليبيا خلال السنوات الأخيرة من عدم الاستقرار واستفحال الإرهاب الذي امتد خطره إلى الدول المجاورة مهددا منطقة الساحل برمتها.
إننا مطالبون أكثر من أي وقت مضى بدعم جهود الأشقاء في ليبيا الهادفة إلى إيجاد توافق شامل يحافظ على وحدة التراب الليبي ويرسي دعائم الاستقرار ويشرك عموم الليبيين في إدارة الشأن العام ويطلق إعادة الأعمار.
وفي العراق نحيي انتصارات الشعب العراقي الشقيق التي حققها لاستعادة السيطرة على كامل أراضيه وتلاحم كافة أطيافه وفئاته ليعود العراق إلى مكانته الطبيعية في أمتنا العربية.
أصحاب الفخامة والسمو
أيها السادة والسيدات
نحيي الجهود الجبارة التي يبذلها الشعب الصومالي الشقيق لاستعادة الأمن والاستقرار بعد عقود من التناحر بين الأشقاء ونثمن الدور الكبير الذي تنهض به قوات حفظ السلام الافريقية إلى جانب قوات الأمن الصومالية لتعزيز السلم والأمن.
ورغم كل ما تحقق لا يزال الصومال بحاجة إلى دعم أشقائه وأصدقائه لتحقيق استقرار يشمل كافة أراضي جمهورية الصومال الاتحادية الشقيقة.
إننا نتطلع إلى بلورة مقاربة شاملة لحل كافة الصراعات التي تعانيها بعض بلداننا العربية ضمن رؤية مشتركة تمنع انتشار الأزمات والصراعات إلى بلدان أخرى. فالمسؤولية تقع علينا جميعا لرأب الصدع بين الأشقاء والسعي في الاصلاح بين إخوة يجمعهم أكثر بكثير مما يمكن أن يستغل لإثارة الفرقة بينهم.
أصحاب الفخامة والسمو
أيها السادة والسيدات
إن المواجهة الناجعة لمجمل هذه التحديات تتطلب ترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق تنمية مستدامة تستثمر الطاقات البشرية لفضائنا العربي وموارده الهائلة وموقعه الجغرافي المتميز لوضع استراتيجية اقتصادية شاملة قائمة على التكامل بين بلداننا تحفز التشغيل وتوفر المناخ المناسب لتحرير الطاقات البشرية لتساهم بفعالية في الحياة العامة وتنهض بدورها كاملا في التنمية.
في الختام، أجدد الترحيب بكم، أصحاب الفخامة والسمو، في بلدكم الثاني موريتانيا التي ظلت عبر تاريخها جسرا حضاريا بين العرب والأفارقة يفخر أهلها بدورهم الرائد في نشر الحضارة العربية الإسلامية في ربوع قارتنا الإفريقية.
فمرحبا بكم في هذا الجزء من وطننا العربي وأتمنى لكم مقاما سعيدا بين ظهرانينا ولأمتنا العربية المزيد من التقدم والرقي ولأعمال قمتنا موفور السداد والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هنيئا لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز على هذ الخطاب الذي يلامس ما تعانيه امتنا العربية من حروب وانقسامات حان الأوان ان تقف الأمة العربية كالجسد الواحد لمواجهة جميع التحديات التي تعانه المنطقة من انقسامات طائفية ومذهبية وقتل وتشريد آلاف المواطنين بل الملايين الأبرياء وقضية فلسطين التي يبدو انها صارت من الماضي حيث اشتغلت هذه الدول في حروب داخلية كلا من العراق وسوريا وليبيا واليمن كل هذه التحديات تتطلب جهدا كبيرا من القادة العرب ونأمل من هذه القمة المبارك أن تكون انجح قمة عربية في كل المجالات على مستوى الأمن والاقتصاد والتآخي والتعايش بين الشعوب وتوفير عيش كريم لشعوبنا العربية وفي الختام أتمنى مقاما سعيدا في موريتانيا لضيوفنا الكرام وأهنئ الدولة الموريتاني حكومة وشعبا لاحتضانها لهذ القمة المبارك(قمة أمل) اخوكم شيخنا عبدالله